بالرغم من الفوائد الرائعة للتعلّم النشط إلا أنَّ جسْر الهُوّة بين المُعلِّم والطالب، وتقريب المسافات، يزيد من فرص وقوع المُدرِّس في حالات حرجٍ، تدفع بالكثرين للنأي بأنفسهم عنه. قد يدفع التعلّم النشط بالطالب إلى رفع الكُلفة بينه وبين مُدرِّسه وهنا مكمن الإحراج. لعلَّ من أهم وجوه الحرج المُترتِّبة عن ذلك ما سنرد ذكره
تصويب قول المُدرِّس أو فعله بطريقة مُباشرة: قد يقوم أحد الطلاب بانتقاد قول المُدرّس أو فعله الخاطئ أثناء العملية التعليمية بطريقة مباشرة وأمام البقية علانيةً، وهو موقف يتسم بالحرج عادةً. يقف عموم المُدرِّسين إزاء ذلك بين حالين: إمّا أن يتجاهلوا ذلك التصويب الناقد ويُتابعوا سير العملية التعليمية بانكفاء، أو أنْ يحتدّوا على الطالب المُنتقِّد معنِّفين إيّاه على "وقاحته". وكلا الحالين خاطئ؛ لما قد يُسيء إلى مكانة المُدرّس ويُفقده ثقة طلابه به وهي أهم متطلّبات نجاح التدريس. خيارك الأفضل عزيزي المُدرِّس أن تشيد بموقف الطالب المُنتقِد وبدقة ملاحظته، وأن تُكرِّس مفهوماً حضارياً بأنّ المُدرِّس إنسان وليس له عصمة من الخطأ أو النسيان. بهذه الواقعية ستمتلك قلوب الطلبة، ومن يمتلك قلوبهم فُتِّحت له مغاليق عقولهم ليوسعها علماً
نشوب الخلافات الحادة بين الطلاب بحضور المُدرِّس: وهذا أمرٌ كثير الحصول، فاعتياد الطلبة لوجود المُدرِّس قد يدفع بخلافاتهم إلى العلَن، مما يُشعر المُدرِّس بالحرج وقلّة الاحترام. عزيزي المُدرِّس إن هذه الظاهرة ليست مسّاً بهيبتك وتقليلاً من مكانتك. بل على العكس من ذلك، هي إحدى أهمّ مؤشِّرات نجاحك في استراتيجية التعلّم النشط التي تتّبعها وطرائقك في التدريس وأسلوبك في التعليم. وهي دليل ثقتهم بك وقربك من قلوبهم. ابتعد عن الانفعال، ونحِّ العوامل الذاتية شخصية الطابع بينك وبين البعض منهم جانباً. تعامل مع الجميع بذات القدر من المحبة والحرص والنصح والإرشاد. شجّعهم على مواجهة خلافاتهم بالصراحة وإظهار المشاعر، وثقِّفهم بثقافة الاختلاف، وكن عوناً لهم للوصول إلى تقنيات التأقلم وتفهّم بعضهم مواقف بعض، ومكِّنهم من تقنيات الوصول إلى القواسم المُشتركة بدلاً عن مواضع النفور.
تضخّم الجانب الذاتي على حساب نظيره الموضوعي في علاقة الطالب بالمُدرِّس: لعلاقة الطالب بالمدرِّس جانبان؛ ذاتي له علاقة بالمشاعر والعواطف، وموضوعي له علاقة بطبيعة المُقرَّر العلمية وطرائق التدريس وبيئة التعلّم المحيطة. غلبة الجانب الذاتي وتعلّق الطالب عاطفياً بشخص مُدرِّسه حال حرجٌ يدفع بالكثير من المُدرِّسين إلى الشعور بالضيق منه. عزيزي المُدرِّس لك أن تنتهج خطوات وقائية درءاً لحدوث ذلك. تعامل مع طلابك بذات القدر من الاهتمام، وتبادل معهم "جميعهم" مشاعر المحبة والتقدير والاحترام. وإيّاك وتغليب العواطف على علاقتك بأي منهم لما في ذلك من عميق الأثر على صحة العلاقة الناظمة ما بين المُعلِّم والمُتعلّم من حيث تقييم النتائج (الامتحانات) وتقويم الأداء
Comments