باتت وسائل الغش الامتحاني تهديداً حقيقياً لمقاصد العملية الامتحانية في التقويم والتقييم. ورغم تطوّر أشكالها وتعدد أنواعها من الوريقات المدوَّنة إلى الكتابة على الجسد أو مقاعد وجدران القاعة الامتحانية، وصولاً إلى المُصغَّرات في الوقت الراهن، إلا أنَّ المضمون بقي واحد. في وصف الظاهرة، تُعدُّ "الراشيتا" نقصاً معيباً في سلوك الطالب يعكس مدى استهتاره بأخلاقيات العملية الامتحانية مما يستوجب أقصى العقوبات تبعاً للمواد القانونية الناظمة. أمّا في تحليل الظاهرة، فإن منهجاً يتسم بإرهاق الذهن بلا طائل يُرتجى، وطرائق تدريسية أصابها التكلس بالعجز عن أداء المُبتغى، وعملية امتحانية تحلَّلت من أخلاقياتها الضابطة، ومجتمع يُنكر الفشل، ويتبنّى النجاح، متناسياً سببية الأول في الوصول للثاني. كلّ ذلك يدفعنا للجزم بأنَّ "الراشيتا" جرمٌ يُنكره القانون ويُبرّره المنطق. والحقيقة الوحيدة الباقية أنَّ بيئة تعليمية ترتكز أركانها على منهج علمي رشيق، وعملية تعليمية نشطة، وأخرى امتحانية مُنصفة ستبقى على الدوام: "وصفة النجاح"
في فقهِ العمليةِ التربويّة، لا تعدُو العمليَّةُ الامتحانيةُ كونَها صِنّواً مُتمِّمَاً لنظيرَتِها التعليمية. في النظريةِ، الامتحانُ وسيلةٌ لقياسِ نواتجَ التعلّمِ المُتحصَّلَةُ في نهاية العمليَّةِ التعليمية، وتلك هي الغاية. إذ تغدو الأسئلةَ الامتحانية، على تنوّع أشكالها، أدواتُ قياسٍ يتخصَّص كلٍ منها في قياس ناتج أو أكثر من نواتج التعلّم، بغية التعبير عنها بمكافئات رقمية نسبية (0-100%) يُطلق عليها مصطلح "الدرجة". فالامتحان الناجح هو الاختيار الصائب لأدوات القياس تلك بما يتوافق ونواتج التعلّم المُستهدفة
أما في التطبيق، فيغدو الامتحانُ غايةً بذاته، والدرجةُ "أمنية". غايةُ المُدرِّس منه تستحيل دوراً سُلطوياً إن شاء، وإن شاء فعفوٌ عند مقدِرة. وغاية الطالب منه درجةً تؤهلّه للنجاح ولو بأساليب قذرة
فتنفصم العملية الامتحانية عن نظيرتها التعليمية، ويبيتُ قولٌ شائعٌ: "عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان" حِكمةً مؤثِّرة
Commentaires